تُعد المملكة العربية السعودية أكبر مُصدّر للنفط عالميًا، مما جعلها تواجه تحديات بيئية كبيرة بسبب الاعتماد على الوقود الأحفوري. ومع ذلك، بدأت المملكة في السنوات الأخيرة اتخاذ خطوات جادة نحو الاستدامة، مثل رؤية 2030 ومشاريع الطاقة المتجددة كـ”نيوم” و”السعودية الخضراء”. هذه المبادرات تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وزراعة ملايين الأشجار، بالإضافة إلى تعزيز الابتكار التكنولوجي في مجال الطاقة النظيفة.
كما تسعى المملكة إلى تحسين إدارة الموارد المائية وزيادة الاعتماد على تحلية المياه باستخدام تقنيات صديقة للبيئة في هذا المقال، سنناقش التأثير البيئي للمملكة، التحديات مثل ندرة المياه والتلوث، والفرص المتاحة لتحقيق نمو مستدام، مما يعكس التزام المملكة بتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة ومن خلال هذه الجهود، يمكن للمملكة أن تكون نموذجًا إقليميًا وعالميًا في تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
التحديات البيئية
تواجه المملكة العربية السعودية تحديات بيئية متعددة ومتشعبة، ومن أبرزها:
1. التغير المناخي: تُعد المملكة من أكبر الدول المسببة لانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، ويرجع ذلك أساسًا إلى صناعات النفط والغاز (IEA, 2020). كما تشكل درجات الحرارة المرتفعة والتغيرات المناخية تهديدات كبيرة للزراعة والموارد المائية والبنية التحتية في المملكة (IPCC, 2019).
2. ندرة المياه: تُعد المملكة من أكثر الدول جفافًا في العالم، حيث تعاني من محدودية في الموارد المائية المتجددة (FAO, 2017). وتعتمد المملكة بشكل كبير على محطات التحلية، وهي عمليات تستهلك كميات كبيرة من الطاقة وتساهم في انبعاثات الغازات الدفيئة.
3. تلوث الهواء: تعاني المدن السعودية من مستويات عالية من تلوث الهواء، نتيجة انبعاثات المركبات والأنشطة الصناعية (WHO, 2018). ويؤثر هذا التلوث بشكل خطير على الصحة العامة، خاصةً الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل الأطفال وكبار السن.
4. إدارة النفايات: تنتج المملكة كميات هائلة من النفايات، بما في ذلك البلاستيك والزجاج والمخلفات الغذائية (World Bank, 2019). ولا تزال البنية التحتية لإدارة النفايات في طور التطوير، مما يسبب مخاوف بيئية وصحية.
الفرص للنمو والتطوير
على الرغم من هذه التحديات، أحرزت المملكة تقدمًا ملحوظًا في الحد من تأثيرها البيئي والانتقال إلى مستقبل أكثر استدامة ومن أبرز الفرص المتاحة:
1. الطاقة المتجددة: وضعت المملكة أهدافًا طموحة لزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح (رؤية السعودية 2030، 2016). وتهدف المملكة إلى توليد 50% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
2. الزراعة المستدامة: تستثمر المملكة بشكل كبير في تقنيات الزراعة المستدامة، مثل الزراعة الدقيقة والزراعة العمودية (وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية، 2020). ويهدف ذلك إلى تقليل الاعتماد على استيراد الغذاء والحد من التأثير البيئي للقطاع الزراعي.
3. السياحة البيئية: تتمتع المملكة بمناظر طبيعية متنوعة وحياة برية غنية (الهيئة السعودية للسياحة والتراث الوطني، 2020). وتسعى المملكة إلى تطوير قطاع السياحة البيئية من خلال تعزيز ممارسات السياحة المستدامة ودعم المجتمعات المحلية.
4. البنية التحتية الخضراء: تستثمر المملكة في تطوير البنية التحتية الخضراء، مثل المباني المستدامة والحدائق والمساحات العامة (وزارة الشؤون البلدية والقروية، 2020) وتهدف هذه المبادرات إلى تقليل التأثير البيئي وتحسين جودة الحياة للسكان.
المبادرات والمشاريع
أطلقت المملكة العربية السعودية العديد من المبادرات والمشاريع لمواجهة التحديات البيئية وتعزيز التنمية المستدامة، ومن أبرزها:
1. رؤية المملكة 2030: خطة طموحة تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل الاعتماد على صادرات النفط (رؤية السعودية 2030، 2016).
2. مبادرة السعودية الخضراء: مبادرة وطنية أُطلقت في عام 2020 لتعزيز التنمية المستدامة والحد من التأثير البيئي للمملكة (مبادرة السعودية الخضراء، 2020).
3. مشروع البحر الأحمر: مشروع سياحي فاخر على ساحل البحر الأحمر (مشروع البحر الأحمر، 2020). يهدف المشروع إلى تعزيز ممارسات السياحة المستدامة، ودعم المجتمعات المحلية، وحماية البيئة الطبيعية والتنوع البيولوجي في المملكة.
الخاتمة
يُعد التأثير البيئي للمملكة العربية السعودية مصدر قلق رئيسي، لكن المملكة تتخذ خطوات جادة لمواجهة تحدياتها وتعزيز التنمية المستدامة. ومع الأهداف الطموحة في مجال الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة، وتطوير السياحة البيئية، فإن السعودية في طريقها لأن تصبح رائدة في مجال التنمية المستدامة. ومع ذلك، لا بد من استمرار الاستثمار في البنية التحتية الخضراء، وتعزيز الممارسات المستدامة، ودعم المجتمعات المحلية لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.
يجب أيضًا تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات لمواجهة التحديات البيئية المشتركة، مثل التغير المناخي وندرة المياه. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للوعي البيئي وزيادة مشاركة القطاع الخاص أن يلعبا دورًا محوريًا في تحقيق أهداف الاستدامة. من خلال هذه الجهود المتكاملة، يمكن للمملكة أن تحقق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، مما يعزز مكانتها كدولة رائدة في المنطقة والعالم في مجال الاستدامة البيئية.
دكتور سامي بن محمد البريه
مدير المكونات الوطنية للموارد الطبيعية
خبير إدارة الموارد الطبيعية منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)
المراجع:
FAO (2017). تقرير المياه في المملكة العربية السعودية. منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.
IEA (2020). سياسات وتقنيات الطاقة من أجل اقتصاد منخفض الكربون: المملكة العربية السعودية. وكالة الطاقة الدولية.
IPCC (2019). تغير المناخ والأراضي: تقرير خاص حول تغير المناخ والتصحر وتدهور الأراضي والإدارة المستدامة للأراضي والأمن الغذائي وتدفقات غازات الاحتباس الحراري في النظم البيئية الأرضية. الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
مشروع البحر الأحمر (2020). من نحن. مشروع البحر الأحمر.
الهيئة السعودية للسياحة والتراث الوطني (2020). استراتيجية السياحة السعودية. الهيئة السعودية للسياحة والتراث الوطني.
مبادرة السعودية الخضراء (2020). مليارات
وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية (2020).
